أفلامالمراجعات

دَرب البطاريق – رحلة ساحرة مُغرقة بالتساؤلات

ماذا لو خرجت من بيتك صباحًا قاصدًا مدرستك أو مكان عملك فصادفك في الطريق وحيد قرنٍ أو تمساح، والأعجب أن ترى بطريقًا أو مجموعة منه، هو ليس هاربًا من حديقة حيوان بل ظهر من اللامكان. خليط من الشكِّ والاستغراب وربّما الخوف سيجتاح قلبك حينها. لكن بطلنا لم يشعر سوى بالحماسة.

القصّة: أوياما فتى في المرحلة الرابعة من الدراسة الابتدائية، ذكي ومُلم بقدرٍ كبير من العلوم نسبةً لسنّه، يراقب الأيام كي يصبح بالغًا، فـ٣٨٨٧ يوم هيّ كل ما يفصله عن حلمه المنشود. يؤمن بأن كثير من الفتيات سيرغبنَ بالزواج منه مستقبلًا فلا سبب يدعوه لتوطيد علاقاته، وفجأةً أصبح لديه من يُحب، مُساعِدة لطبيب الأسنان الذي يزوره ليقلع ضرسه، الضّرس الذي يُعد خطوة نحو هدفه (البلوغ). يبدأ بمواعدتها خارجًا ليشتركا -أو هذا ما قد يبدو- في التحقيق حول قضيّة البطاريق فنرافقهم في رحلتهم وما ستجرّه إليهم لاحقًا.

الإسم: Penguin Highway

إنتاج: Studio Colorido

إخراج: Hiroyasu Ishida

تأليف: Tomihiko Morimi

التصنيف: Fantasy – Sci Fi

الفئة العُمريّة: PG – Children

تاريخ الإصدار: Aug 17,2018

يبدأ الفيلم بداية طبيعية جُل هدفها التعريف ببطلنا وما يدور حوله من أحداث ويجول داخل عقله من أفكار، كل شيء يمشي بنسق مُريح لحين بدأ الحبكة بعد الربع الأول من الفيلم، حبكة سريعة الحدوث هيّ خيار ممتاز لجذب المتابعين أكثر وشدّهم نحو إكمال العمل بشغف، شغف مُغلّف بتساؤلات كثيرة، تزداد مع مرور الأحداث حتى نصل لمرحلة من اللا فهم، لسنا وحدنا فشخصيّات العمل غارقة في الحيرة كذلك، حيرة زادت وتضاعفت عند ظهور حبكة جديدة.. أو هيّ القسم الثاني من الحبكة الرئيسية، فتبرز معها أدوار جديدة لأشخاص آخرين، ومع لحظات من الهدوء والسكينة -أيام بالنسبة لشخصيّاتنا- نعود للتعقيد وهذه المرة مع إثارة مضاعفة فمصير البعض أصبح على المحك، تلتقي الخيوط عند أوياما محاولًا فكّ عُقدها، كل هذا لأنه ذاك الفتى الذكي الذي يرى نفسه فوق أقرانه وفوق غيره من البالغين أحيانًا، أولى دروس ورسائل العمل تظهر عندما يضطر للاستماع لرأيِّ والده. «أوياما ليس عليمًا بكل شيء، هو لا يزال طفل في آخر المطاف» هذه إحدى الأفكار التي يمكن أن تلتمسها من الكاتب.

العلاقة التي تربط أوياما بالفتاة البالغة ليست جامدة، فهي تأخذ منحى تطوّري في كل لحظة تمضي وهُما سويًّا، فبدايةً باستشارة طبيّة

ثم إلى خوف كل منهما على الآخر،

إلى ما قد يكون علاقة حب في النهاية.

أما باقي الشخصيّات؛ فبساطة تركيبها أعاق تطوّرها، فظهرت بمظهرٍ واحد تقريبًا على مدار الفيلم مع وجود تحوّلات عاطفيّة هنا وهناك، وبكل الأحوال لم يُشكّل هذا حجرَ عثرٍ أمام سير القصّة.

أحداث العمل مالت إلى الرمز كثيرًا، فوجود تفسير واضح هو أمر غير ممكن. فرغم أن الفكرة العامّة خالية من التعقيدات إلا أن مسارها أخذ نواحي فلسفيّة وهذا يقودني للتساؤل حول التصنيف العمري للفيلم؛ فمن المستحيل أن يفهم طفل في العاشرة من عمره مثلًا ما يرمي إليه المؤلف، وحتى التجربة الحركيّة لا تناسب ٩٠% من الأطفال. فهذا ليس فيلمًا من استوديو غيبلي الذي يؤسس قالبًا لأفكاره الناضجة يُناسب جميع الأعمار.  ولأن الشيء بالشيء يُذكر؛ فلم أرَ أيَّ خيالٍ علمي بالفيلم، فهو مجرّد فانتازيا.

الكوميديا لطيفة عمومًا، لا تكسر الإيقاع ولا تُحدث تهريجًا يفصل المشاهد عن قضيّة العمل الأساسيّة. مع وجود تكرار لنكتة مُعيّنة والتي أعجبتني بالمناسبة LOL -بغضِّ النظر عن واقعيّتها-.

النهاية لم تُجِب على أغلب التساؤلات وأهمها، ولا داعي لذلك فكما أسلفت فإنّ المسار الذي اتّخذه المؤلف لعمله يتطلّب نهاية من هذا النوع، نهاية تضعك في وجه التساؤلات، فحتى اسم فتاتنا البالغة لم يُعرف طوال الفيلم، وكأنها كانت وسيلة استعملها المؤلف لتبيان جهل أوياما عند بعض المواضع، فمجدًدا «هو مجرّد طفل».

الإخراج: أساليب المُخرج متعدّدة، فهو يميل إلى التصوير الواقعي من الزوايا الطبيعية، فكان هناك لقطات Point of view حين تطلّب الأمر

ولقطات الـWide Angle حضرت حين حاجتها

ولم يهمل اللقطات الخياليّة أيضًا والتي لا تُرى عادةً إلا في الانميشن مع إنّ وجودها محدود داخل العمل (سأستغني عن الصورة لاعتبارها حرق)

التلوين ممتاز ويعكس حال الإضاءة غالبًا، ففي الظلام أنت ترى صورة مُعتمة، وفي المطر كئيبة، وعند الغروب دافئة.

الرسومات رائعة، رسم الحركة سلس جدًا وواقعي إلى حد ما، ورسم الخلفيات والجمادات ممتع للعين وإن لم يحوي على تفاصيل دقيقة.

الموسيقى من أبرز نواحي العمل الإنتاجية، بدايةً بالافتتاحية العظيمة مرورًا باللحظات العاطفية والمغامرات ثمّ الختام بأغنية بالغة الروعة، جودة ليست غريبة على اليابانيين أبدًا.

ختامًا: هذا فيلم مليء بالعاطفة، دافئ على القلب وممتع للنظر، عيوبه قليلة وتأثيرها على تجربة المشاهدة يكاد ينعدم. حمّل وتابع واستمتع.

التقييم النهائي: 8.5/10




اظهر المزيد

محمد

مُراجع، وكاتب مقالات أحيانًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق