أنمياتالمراجعات

خطايا كاشيرن – Casshern sins

في عالمٍ يسوده الدمار،عالمٌ خلى من كل ألوان الحياة ،لا ترى فيه إلا الصحاري القفار وما خلى من أثار ،لا تسمع فيه إلا صرير الرياح وشخوصٌ يتردد على ألسنتهم : كلوا كاشيرن،اقتلوا كاشيرن ؛ لتنالوا الخلود.يا ترى من هو كاشيرن ؟وما الخطايا التي اقترفها لينتهي به الحالُ  أشبه بـ حاصد الأرواح في عالمه ؟ تنتظرك رحلة عنوانها الغموض ولكن ليس أي غموض،فهو غموضٌ مغلفٌ بالدمار والأمل… هذه الكلمات هي كل ماتحتاجه لتشاهد واحدًا من أجمل -حرفيًا-الأنميات التي ستراها عيناك ويستشعرها فؤادك يا عزيزي القارئ مرهف الأحاسيس.لذلك عليك بمشاهدة Casshern Sins.هذا النص خليط بين الانطباع وكلام ملهوش لازمة (خالٍ من الحرق)

  ماهو Casshern Sins ؟

هو مسلسل أنمي عُرض عام 2008 من إنتاج استوديو MadHouse وتكون من 24 حلقة.أخرجه المخرج Shigeyasu Yamauchi وصمم شخصياته المُصمم المبدع Yoshihiko Umakoshi، أما موسيقاه فهي من تلحين Kaoru Wada.مُقتبس من سلسلة أنمي عُرضت عام 1973 تحت اسم Casshern.. كانت قصته تشابه أمثالها من قصص الخيال العلمي آنذاك،شريرٌ يسيطر وبطلٌ يحرر.فجاء هذا الاقتباس وجاء معه تغيير جذري في القصة والحبكة ليصبح أشبه بالعمل المستقل،لا يربطه بالقديم إلا بعض الشخصيات. 

قصة مختلفة

ما أكثر القصص التي تصور نهاية العالم،ففيه تحل كارثة تزيل كل أشكال الحضارة وتعيدهم للنار والحجارة.في كاشيرن عالمٌ مدمر خالٍ من البشر تقريبًا ولكن يملؤه الآليين.وهنا يبدأ الاختلاف في هذه القصة،في زمنٍ غير معلوم يصل فيه الرجال الآليين إلى مرحلةٍ من الوعي والإدراك تكسبهم مشاعرًا كمشاعر البشر وتفكيرا كتفكيرهم ؛ فتنقلب كفة الموازين ويثورون ثم تقوم حضارتهم.والآليين طالما لم يمسسهم ضرر فهم لا يموتون وبذلك بدأ يختفي مفهوم الموت في العالم حتى فعل فعلته،وأعني بهذا كاشيرن وبدأت ظاهرة تسمى “الدمار” تجتاح كل شيء على صورة خراب يُصيب المعادن وأي شيء سليم.لكن مالذي فعله ؟ وما الدافع ؟ ومن المستفيد من فناء العالم ؟ لكن لحظة ! فحتى كاشيرن نفسه لا يدري ماذا فعل !! 

الغموض + الغموض = برضو غموض 

هذا المسلسل يقدم درسًا في كيفية صناعة الغموض،فيجعلك تسير وكأنك البطل، فالبطل هنا هو شخصٌ فاقد للذاكرة يهيم في عالمٍ رماديٍ كئيب ويرى نتاج فعلته الشنيعة التي لا يتذكرها، وبهذا فإنه يصحبنا في رحلة عظيمة بدايتها غموض قاتل وهذا الغموض ما يلبث إلا أن يزيد ويزيد لأن جُلَ من يقابلهم يمقتونه أشد المقت ولا يخبرونه بشيءٍ الا ما يزيده حيرة وحسرة واحساسًا بالذنب.حتى تبدأ الخيوط بالتكشف في النصف الثاني من الأنمي فيعلمَ ونعلم ،ويُصدمُ ونُصدم ويحزنُ ونَحزن وكأننا كاشيرن. 

حلقة واحدة ، شخصية واحدة

في كاشيرن جُل الحلقات تتبع أسلوب السرد الحلقي، في كل حلقة سيقابل كاشيرن شخصية ممن ضرهم الدمار ويالها من شخصيات ! كاشيرن فاقد الذاكرة يبدو كمولودٍ لا يعرف شيئًا عن عالمه، فتراه يقابل تلك الشخصيات المختلفة ورويدًا رويدًا يتعلم ويكتسب مشاعرًا وأفكارًا تنقله من عالم الأموات إلى عالم الأحياء. فماذا رأى من تلك الشخصيات ؟ رأى شخوصًا يقاومون الدمار ليس بالسعي لقتل مسبب الدمار كسائر الآليين أو القنوط ، إنما مقاومته بالأمل والعمل والسعي لعيش حياة تخلد ذكراهم حتى لو محاهم الدمار.شخوصٌ يبذلون الغالي والنفيس لتحقيق أحلامهم مهما بدت مستحيلة.فالأملُ لا يموت مادام القلب ينبض بالحياة.رؤية كاشيرن لهذه النماذج التي تقاوم الدمار جعله يحزن،يُفكر، يتغير، ويقاوم ويسعى للتكفير عن تلك الخطيئة…

عالم ٌ فارغٌ بالغ الجمال 

في كاشيرن رواية القصة واظهار مافيها من مشاعر لاتتم بالحوارات فقط -ليست بالكثيرة-بل عمد المخرج Yamauchi إلى إشراك كل تفصيلة في ذلك العالم.نتحدث عن البيئة، فبيئة العالم خوت من جُل أشكال الحياة فأصبحت التضاريس المرسومة يدويًا قصة وسير الشخصيات فيها والصمت رفيقهم قصة ، وأصوات الطبيعة من صرير وخرير قصة،والموسيقى وياليها من موسيقى، كنتُ أقلل من مستوى Kaoru Wada على غير علم ولكنه صدقًا ابهرني بما قدمه من ألحان عظيمة  غير أن توظيفها كان مثاليًا.كلُ هذا إذا ما وضع بجانبه تلك الحوارات والمواقف الجميلة التي يملؤها الغموض تارة والأمل والحب تارة أخرى ففعلًا هم نجحوا في جعلنا نعيشُ عالمهم ونتعلق به أشد التعلق.لكن لم ننتهي فعند الحديث عن إيصال المشاعر الدفينة فهنا تبرز العلامة الفارقة في كاشيرن عن غيره من الأعمال وهي تصميمُ الشخصيات

تصميم الشخصيات

المصمم Umakoshi، أبدع في خلق تناسق عجيب بين جعل التصميم مواكبًا لزمنه وفي الحفاظ على سماته التي ميزة الأنمي القديم ، فنا نحن نتحدث عن الشعر الملون الكثيف الذي ينتشر في كل اتجاه وتلك الملابس المبهرجة مليئة التفاصيل وذلك الجسم المتناسق.ولكن أضاف عليها شيئًا جعلها تصاميم جميلة جدا،أضاف عليها العيون الواسعة الملونة وإضافتها لم تكن بغرض مواكبة الموجة إنما لتوظيفها في تعزيز مواقف الشخصيات وإظهار  ما يرافقها من مشاعر جياشة بدقة وجمالٍ منقطع النظير.وحتى أن أسلوب المخرج عمد إلى جعل كل حركة و ظهور للشخصيات بأبهى حلة ممكنة، لدرجة أن القتال قد يبدو كالرقصِ نتيجة رسم الزوايا والوضعيات الجميلة فقط.

ما لم يرق لي

يُقال أن الحلو مايكملش، وهناك بعض النقاط التي لم ترق لي فألخصها لكم في سطور لكن لا تقرأها إذا لم ترد انطباعا مسبقًا :
• ذلك الغموض الرائع تقل قيمته إذا لم يُفسر بصورة أروع، فنعم بعض النقاط في العمل عُرضت ولم تحصل على تفسير كافٍ يجيب عما يخطر في بالي من أسئلة، هم بذلك تركوا مجالًا كبيرًا للتأويل وهذا لم يرق لي حقًا.
• صحيح أن أنمي كاشيرن عامل شخصياته بطريقة رائعة عادلة العرض والتركيز، فأغلب الشخصيات الرئيسية والثانوية أخذت مساحةً كافية إلا بعض الشخصيات -والتي بالمناسبة هي مؤثرة- لم تنل تلك المساحة المأمولة.
• النهاية جميلة جدًا في قيمتها ورسالتها، ولكن الأحداث التي أوصلتنا لتلك النهاية كانت مستعجلةً بشكلٍ واضح، فهناك أحداث وشخصيات ظهرت وظننت أنها ستأتي بكشف سرٍ أو حدث جديد ولكنها اختفت وكأنها لم تكن !.

 لكن سحقًا يارجل، هذه النقاط لن تؤثر على تجربة مشاهدة كاشيرن العظيمة ولا على جماله الأخاذ ولا على روعة حلقاته وشخصياته الحية ! .يعطيكم العافية ورمضان كريم.

اظهر المزيد

عبدالصمد

مفيش والله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق