أنمياتالمراجعات

حارس الروح العظيمة – Seirei no Moribito

ماضي الإنسان بكل مافيه إما أن يقيد حاضره فيجعله سجين الندم والحسرة، وإما أن يكون سببًا للتغير ودافعًا لجبر ما فات وتكفير ما أُقترف من سيئات.بالسا تلك المحاربة الشابة الشجاعة، أخذت على عاتقها أن تنقذ 8 أرواح من البشر تكفيرًا عن تلك الأرواح التي سلبتها فيما مضى ! تقودها أقدامها إلى أبواب إمبراطورية عظيمة، فينتهي فيها المطاف حارسة شخصية لإبن الإمبراطور لكن ممن ؟ من الإمبراطور نفسه ! فيا ترى مالذي يدفع الأب إلى قتل قُرة عينه، وماذا ستصنع الشجاعة ببالسا عندما تدرك أنها تعادي إمبراطوريةً بأكلمها! تنتظرك رحلة شيقة في ربوع عالم خيالي خلاب عنوانها الشجاعة والأمومة.

Seirei no Moribito

هو مسلسل أنمي من 26 حلقة،  صدرَ عام 2007 بواسطة أستوديو Production I.G، أخرجه Kenji Kamiyama، ولحن موسيقاه Kenji Kawai.المسلسل مقتبس من سلسلة Moribito و التي تؤلفها الروائية Nahoko Uehashi، وهي سلسلة تاريخية خيالية تدور أحداثها في عالمٍ خيالي مقتبس من حضارات الصين والهند واليابان القديمة.السلسلة احتوت 10 روايات حتى الآن من بطولة بالسا نفسها أما الأنمي فقد اقتبس الرواية الأولى فقط.

بناءُ العالم

لعل ما يجعل هذا الأنمي مميزًا هو أن عالمه حي، ، فأنت كمشاهد لا تشعر أن العالم وجد فقط ليخدم فترة القصة وتمر عليه مرور الكرام، بل حقًا تُحس أنه عالم يملك حضارة ضاربة في عمق الزمن ، سكانه مختلفوا الطباع والصفات، أنماط حياتهم تتباين باختلاف البيئة، تلك القصور في مدنهم وتلك الأكواخ في قراهم، تلك الزخارف التي تزينها، تلك الملابس التي يلبسونها، تلك الأسلحة والأدوات التي يستعملونها،كل هذا جاء بأبهى حلة ليبثُ الحياة في جميع تفاصيله .عالم القصة مُقتبس من الحضارات الآسيوية القديمة، فسنرى مناطق تشبه الصين واليابان في مظهرها وثقافة سكانها، وسنرى مناطق تشبه الهند وماحولها  في جبالها الشاهقة وبساطة سكانها.وبما أن السلسلة خيالية فالخيال موجود في تفاصيل هذا العالم وهو يشبه ذلك الخيال في الموروثات الشعبية فتكثر فيه الأساطير والمخلوقات الغريبة، ولكن شخصيًا لم أستسغ هذا الخيال على الرغم من تأثيره الكبير على القصة، ليس لأنه سيء ولكن لأنه لم توضع حدود واضحة لهذا الخيال، فلا تدري إلى أين سينتهي أو ماذا ستكون تدخلاته في حياة الناس الطبيعية فظهر بمظهرٍ عشوائي فصارَ مخرجًا من مأزق، وهذا قلل من اهتمامي بجانب الخيال في القصة.

بناء العالم 2


لإظهار كل ما سبق فنحن بحاجة إلى مخرج يفهم هذه التفاصيل وطاقمًا يملك ذائقة فنية، سنحتاج إلى خلفيات تبرز جمال عالمهم وتضاريسه، سنحتاج إلى حركة تبرز اشتباكاتهم وقتالاتهم، وقد لا يضر وجود بعض رسوم الكمبيوتر.نعم إنتاج الأنمي مجملًا ممتاز، قدرتهم على إظهار جمال الطبيعة مذهلة، جبال شاهقة، غابات خضراء، صحاري،أنهار، كل هذا ظهر بمظهرٍ حي يعزز من جودة العالم،بعض الإطارات استخدمت فيها ألوان غريبة وغير مريحة للعين لسببٍ ما لكن الألوان في مجملها جميلة وأدت دورها.تصاميم الشخصيات جميلة ومريحة للعين، عززت من صفات ومواقف الشخصيات ولكن ستلاحظ تشابه كبير في أشكال الشخصيات الثانوية ولربما تعتبرها سلبيةً ولكن لا يهم.المخرج Kamiyama قام باستعمال الـ CGI في إنتاج الأنمي لكن عمد إلى توظيفه في محله المناسب و بمقدار أنسب،ولم يتسبب بإفساد تجربة المشاهدة أبدًا ولذلك يستحق كل الاحترام.كل هذا يظهر بشكله المثالي مع الموسيقى ونعم كما أسلفت Kenji Kawai هو الملحن وهذا كافي لتدرك مدى جودة الحانه إذا ماوظفت بطريقة مناسبة.أتدري؟ أقرب وصف لهذا الأنمي هو أنه موشيشي لكن نسخة الأكشن …

كيف تسير القصة ؟ 

للوهلة الأولى قد تظن أن الأنمي أكشن محض تتخلله مشاهد المطاردة من حتة إلى حتة، لكن ما أعجبني هو أن القصة لا تمشي على نسقٍ ولا تصنيفٍ واحد، ستراها تقدم لك مشاهد أكشن ممتازة في حلقة، ما بعدها فمطاردة، وما بعدها تستقر الشخصيات وتبدأ حياتها المعتادة فترى حلقاتٍ يسودها الهدوء والصفاء والحب والحنان والتطور السليم لعلاقة الشخصيات وما تلبث إلا أن تسلك القصة نفس النسق حتى النهاية.هذا الأسلوب سيعينك على استيعاب القصة وفهم مواقف الشخصيات ورؤية مدى تطور العلاقة فيما بينهم حتى تصل إلى ذروة المشهد الأخير وأنت شخصٌ من شخوص هذا العمل الجميل.

بالسا و جيغورو + بقية الشخصيات

جُل كتاب قصص الأنمي أثبتوا فشلهم في كتابة شخصية أنثوية سليمة واقعية،ولا نرى منهم إلا ماكثر عطبه وقل أدبه، لكن في هذا المسلسل أمامنا مثالٌ يحتذى به في كتابة شخصية أنثوية ! بالسا محاربة شابة شجاعة في عمر الثلاثين، تقارع الرجال في قوتها وحزمها وبُعد نظرها، لكنها مع كل هذا فهي أنثى، فنرى فيها جانب اللطف والحنان والرحمة والذي هو بطبعه من صفات الأم والأمومة وبمرافقتها لإبن الإمبراطور ستتجلى هذه الصفات شيئًا فشيئًا وتنضج أكثر فأفكثر.وأما المدعو جيغورو فلعلي أظنه أفضل مافي المسلسل وأكبر سبب يدفعك عزيزي القارئ لمشاهدته، فهو من ربى بالسا مع أنه ليس بوالدها، معلمها، ومرشدها، وصحيحٌ أنه لم يظهر إلا في حلقتين لكن يارجل ماظهر من مواقفه وما خرج من لسانه فعلًا يثبت أن كتابة شخصية جيدة لا يحتاج إلى عشرات الحلقات والمواقف والخُطب، سأترك لك اكتشاف شخصية جيغورو ولماذا انتهى به المطاف مربيًا لبالسا.أما باقي شخصيات العمل فكل ما أستطيع قوله هو أنها أدت دورها بشكل كافٍ لم تصل لمرحلة الواو لكن في مجملها لطيفة وستعجبك بالتأكيد.

قتالات ملحمية


القصة فيها أكشن، والأكشن يعني قتال، لكن قتال غير عن قتال، مايجعل القتال مميزًا بنظري هو دافع الشخصيات لقتال بعضهم، ومايترتب على هذا القتال من منعطفات مهمة في سير القصة، فالمطلوب ليس كثرتها بل جودتها ومقدار دفعها للقصة، وهذا ما وجدته في Seirei no Moribito، البطلة بالسا ليست أقوى من مشى على الأرض، ستتعرض لمواقفٍ عصيبة وقتالات حامية ستضعها على شفير الموت ولكن أتدري ما جعل هذه القتالات ممتعة جدًا هو طريقة قتال بالسا ! فبالسا وغيرها لا يقاتلون بالسيف إنما بالرمح، وهذا خلق بعدًا جديدًا في رسم حركة الجسم وهو يقاتل ويصد بالرمح وبعدًا أثقل لتأثير هذه القتالات، وبالطبع كل هذا لا يكتمل إلا بالإخراج المذهل لهذه القتالات الذي أضاف واقعية وثقل عجيب لكل ضربة مع رسم حركة سلس جدًا واختيار زوايا مثالي أظهرهم وكأنهم يرقصون -هذه ليست مذمة طبعًا- من جمال وتناسق حركتهم.

الأنمي محترم يا أصدقاء

ولأننا مسلمون محترمون إن شاء الله ، فإنني أشيد بهذا الأنمي وأشيد باحترامه لنفسه وعدم خدشه لمعايير الحياء بشكل كامل على الرغم من أن بطلته أنثى وهذه فرصة عادةً لا يضيعها ذوي العيون الضيقة ،ولكم الحكم طبعًا

ما لم يرق لي (لا تقرأه إذا لم ترد انطباعًا مسبقًا)

(بناء الخطر وكشفه : قصة المسلسل ستتأثر بحدثٍ ما سيشكل تهديدًا معينًا، وهذا الحدث تم البناء له بطريقة جيدة أظهر ما يفعله الخوف من المجهول بالبشر من كفاح وسعي وكسر لقيود  ومحظورات سيطرت عليهم لعقود.لكن أتبني كل هذا ثم تهدمه في نهاية المطاف وتعرض حقيقة هذا الخوف بطريقة باردة ضعيفة تُذهب كل ما بنيته من توقعات عن هذه التهديد).

ختامًا أنا أعتقد أن جمال Seirei no Moribito في جمال شخصية بالسا ومن حولها، في تفاصيل العالم الخلاب، في تلك الألحان الساحرة، في تلك المغامرة الشيقة ولن تضره سلبية أو سلبيتان… لذلك عليكم به، ودمتم في حفظ الرحمن ورعايته.

اظهر المزيد

عبدالصمد

مفيش والله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق